فصل: وصول العساكر من مصر مددا للمجاهد واستيلاؤه على أمره وصلحه مع الظاهر.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.ثورة جلال الدين بن عمر الأشرف وحبسه.

ولما هلك المجاهد علي شغل بلذاته وأساء السيرة في أهل المناصب الدينية بالعزل والاستبدال بغير حق فنكره أهل الدولة وانتقض عليه جلال الدين ابن عمه الأشرف وزحف إليه وكانت بينهما حروب ووقائع كان النصر فيها للمجاهد وغلب على جلال الدين وحبسه والله تعالى أعلم.

.ثورة جلال الدين ثانيا وحبس المجاهد وبيعة المنصور أيوب بن المظفر يوسف.

وبعد أن قبض المجاهد على جلال الدين ابن عمه الأشرف وحبسه لم يزل مشتغلا بلهوه عاكفا على لذاته وضجر منه أهل الدولة وداخلهم جلال الدين في خلعه فوافقوه فرحل إلى سنة اثنتين وعشرين فخرج جلال الدين من محبسه وهجم عليه في بعض البساتين وفتك بحرمه وقبض عليه وبايع لعمه المنصور أيوب بن المظفر يوسف واعتقل المجاهد عنده في نفر وأطلق جلال الدين ابن عمه والله تعالى أعلم بغيبه.

.خلع المنصور أيوب ومقتله وعود المجاهد إلى ملكه ومنازعة الظاهر بن المنصور أيوب له.

ولما جلس المجاهد بقلعة تعز واستقل المنصور بالملك اجتمع شيعة المجاهد وهجموا على المنصور في بيته بتعز وحبسوه وأخرجوا المجاهد وأعادوه إلى ملكه ورجع أهل اليمن لطاعته وكان أسد الدين عبد الله بن المنصور أيوب بالدملوة فعصى عليه وامتنع بها وكتب إليه المجاهد يهدده بقتل أبيه فلج واتسع الخرق بينهما وعظمت الفتنة وافترق عليهما العرب وكثر عيثهم وكثر الفساد وبعث المنصور من محبسه إلى ابنه عبد الله أن يسلم الدملوة خوفا على نفسه من القتل فأبى عبد الله من ذلك وأساء الرد على أبيه ولما يئس المجاهد منه قتل أباه المنصور أيوب بن المظفر في محبسه واجتمع أهل الدملوة وكبيرهم الشريف ابن حمزة وبايعوا أسد الدين عبد الله بن المنصور أيوب وبعث عسكرا مع الشهاب الصفوي إلى زبيد فحاصروها وفتحوها وجهز المجاهد عساكره إليها مع قائده علي بن الدوادار ولما قاربوا زبيد أصابهم سيل وبيتهم أهل زبيد فنالوا منهم وأسروا أمراءهم واتهم المجاهد قائده علي بن الدوادار بمداخلة عدوه فكتب إليه أن يسير إلى عدن لتحصيل مواليها وكتب إلى والي عدن بالقبض عليه ووقع الكتاب بيد الظاهر فبعث به إلى الدوادار فرجع إلى عدن وحاصرها وفتحها وخطب بها للظاهر سنة ثلاث وعشرين وملك عدن بعدها ثم استمال صاحب صنعاء وحوض فقاموا بدعوة الظاهر وبعث المجاهد إلى مذحج والأكراد يستنجدهم فلم ينجدوه وهو بحصن المعدية وكتب الظاهر إلى أشراف مكة وقاضيها نجم الدين الطبري بأن الأمر قد استقر له باليمن والله تعالى ولي التوفيق لا رب سواه.

.وصول العساكر من مصر مددا للمجاهد واستيلاؤه على أمره وصلحه مع الظاهر.

ولما غلب الظاهر بن المنصور أيوب على قلاع اليمن وانتزاعها من المجاهد وحاصره بقلعة المعدية بعث المجاهد سنة أربع وعشرين بصريخه إلى السلطان بمصر من الترك الناصر محمد بم قلاون سنة خمس وعشرين فبعث إليه العساكر مع بيبرس الحاجب وانيال من أمراء دولته ووصلوا إليه سنة خمس وعشرين فسار إليهم المجاهد من حصن المعدية بنواحي عدن إلى تغر فاستأمن إليه أهلها فأمنهم وراسلوا الظاهر في الصلح فأجاب على أن تكون له الدملوة وتحالفوا على ذلك وطلب أمراء الترك الشهاب الصفوي الذي أنشأ الفتنة بين المجاهد والظاهر فامتنع عن إجابتهم فركب بيبرس وهجم عليه في خيمته وقتله بسوق الخيل بتغر واثخنوا في العصاة على المجاهد في كل ناحية حتى أطاعوا وتمهد له الملك ورجعت العساكر إلى مصر سنة ست وعشرين والله سبحانه وتعالى أعلم.

.نزول الظاهر للمجاهد عن الدملوة ومقتله.

ولما استقام الأمر للمجاهد باليمن واستخلفه الظاهر على الدملوة أخذ المجاهد في تأنيسه وأحكام الوصلة به حتى اطمأن وهو يفتل له في الذروة والغارب حتى نزل له عن الدملوة وولى عليها من قبله وصار الظاهر في جملته ثم قبض عليه وحبسه بقلعة تعز ثم قتله في محبسه سنة أربع وثلاثين والله تعالى أعلم.

.حج المجاهد علي بن المؤيد داود وواقعة مع أمراء مصر واعتقاله بالكرك ثم إطلاقه ورجوعه إلى ملكه.

ثم حج المجاهد سنة إحدى وخمسين أيام حسن الناصري الأولى وهي السنة التي حج فيها طاز كافل المملكة أميرا وحج بيبقاروس الكافل الآخر مقيدا لأن السلطان أمر طاز بالقبض عليه في طريقه.
فلما قبض عليه رغب منه أن يخلي سبيله لأداء فرضه فأجابه وحج مقيدا.
وجاء المجاهد ملك اليمن للحج وشاع عنه أنه يروم كسوة الكعبة فتنكر أمراء مصر وعساكرها لأهل اليمن ووقعت في بعض الأيام هيعه في ركب اليمن فتحاربوا وانهزم وذهب سواده وركب أهل اليمن كافة وأطلق بيبقاروس للقتال فجلا في تلك الواقعة وأعيد إلى اعتقاله.
وحمل المجاهد إلى مصر معتقلا فحبس ثم أطلق سنة اثنتين وخمسين في دولة الصالح وبعثوا معه قشتمر المنصوري إلى بلاده فلما انتهى إلى الينبع ظهر قشتمر بأنه يروم الهرب فرده وحبسه بالكرك ثم أطلق بعد ذلك وأعيد إلى ملكه وأقام على مهاداة صاحب مصر وصانعته إلى أن توفي سنة ست وستين لاثنتين وأربعين سنة من ملكه.